موضوعات
recent

استراتيجية التوسع .. كيف تحظى بحصة سوقية أكبر ؟

 عندما يحقق مشروعك أداء جيدا ينعكس على هيئة رخاء مالي وقاعدة عملاء عريضة، فهذا يعني أن الوقت قد يكون مناسبًا لتبني استراتيجية التوسع. قد تكون بحاجة إلى توسيع المساحة المادية للمشروع، أو إضافة منافذ بيع جديدة، أو حتى تحويل دفة نموذج عملك لاتجاه آخر. في كل هذه الأحوال، سيحمل التوسع فرصة ممتازة لتنمية أعمالك، لكن ما هي استراتيجية التوسع؟ وما الذي ينبغي الانتباه إليه قبل بدء التنفيذ ؟


ما هي استراتيجية التوسع ؟

استراتيجية التوسع هي الاستراتيجية التي تسعى إلى تحقيق نمو مرتفع أكبر من المعدلات السابقة، من خلال توسيع نطاق عمليات النشاط التجاري. تكرّس الاستراتيجية هدفا واحدا هو النمو بغض النظر عن المخاطر والعقبات التي قد تعترض الطريق، وقد تتبناها المؤسسة بشكل فردي أو بشكل مشترك مع مؤسسات أخرى.

تتبنى المؤسسات هذا النوع من الاستراتيجيات لأسباب متنوعة، قد يكون بهدف الحصول على حصة سوقية أكبر، أو الحفاظ على بقائها، أو تنمية أرباحها. وقد يكون نتيجة طبيعية لمزايا وفورات الحجم، وبالتالي انخفاض متوسط تكلفة الإنتاج. أو لتعظيم مكانتها أو مجرد الحصول على بعض المزايا الاجتماعية.

تتنوع طرق التوسع بما يجعل التوسع بالنسبة للأنشطة التجارية المختلفة ليس شيئا واحدا، قد يحقق نتائج إيجابية للبعض ونتائج عكسية للبعض الأخر. وبالتالي يوجد أكثر من نمط للتوسع لتختار المؤسسة النمط الأكثر ملائمة لظروفها وأهدافها:

استراتيجية التوسع من خلال التركيز

استراتيجية التوسع من خلال التركيز (Expansion through Concentration) تعني أن يتم استثمار الموارد في التركيز على الأعمال الحالية للشركة، ويعد النوع الأوّلي الأكثر بساطة للتوسع، ويتم تنفيذه بأكثر من طريقة مثل:

    • التركيز على المنتج والسوق الحاليين: تستهدف الشركة السوق الحالي باستخدام تقنية جديدة.
    • التركيز على المنتج الحالي في أسواق جديدة: تستهدف جذب شرائح مستهدفة جديدة للمنتج الحالي.
    • التركيز على السوق الحالي مع تطوير منتج جديد: يتم تصنيع منتجات جديدة موجهّة إلى السوق الحالي.

يتميز هذا النمط من التوسع بالسهولة وتفضلة الشركات لأنه يتطلب ممارسة أنشطة تمرسّت الشركة فيها بالفعل، بدلًا من خوض أنشطة جديدة مجهولة. وبالتالي لا تضطر الشركة إلى اجراء تغييرات كبيرة في هيكلها التنظيمي، بسبب معرفتها العميقة لواحد أو أكثر من أعمال التوسع.

غير أن هذا النمط البسيط من استراتيجيات التوسع يعيبه سهولة التعرض لمخاطر تقلبات الصناعة، لأنه يعتمد بشكل كبير على صناعة واحدة فقط. لذلك قد تؤدي أي ظروف معاكسة في الصناعة إلى التأثير سلبا على نمو الشركة، كما أن الاستثمارات التي تضخها المؤسسة تكون معرضة للخسارة إذا ظهرت تقنيات جديدة أو تقلبات سوقية أو أصبح المنتج قديمًا.

استراتيجية التوسع من خلال التنوع

استعدادا لأي ركود اقتصادي متوقع قد تتبنى الشركة استراتيجية التوسع من خلال التنوع (Expansion through Diversification) وتُخصص مواردها لتطوير منتج جديد أو التوسع في أسواق جديدة. وقد تلجأ لهذا النمط لكي تعوّض خسائر أحد الأعمال عبر أرباح عمل آخر، وهناك نوعان رئيسيان للتنوع:

    • التنوع المُركّز: عندما تطور الشركة منتجا أو خدمة جديدة ذات صلة وثيقة بمنتجاتها أو خدماتها الحالية. على سبيل المثال استحواذ شركة تصنيع أحذية على شركة تصنيع الجلود.
    • التنوع التكتلي: توسع الشركة أنشطتها في مجالات مختلفة سواء كانت ذات صلة بمجموعة منتجاتها وخدماتها الحالية أو لا.

التوسع من خلال التكامل

يعد التوسع من خلال التكامل (Expansion through Integration) أحد الأنماط الكبرى لاستراتيجية التوسع، لأن الشركة تقوم  بتوسيع نطاق العمل من خلال دمج عملية حالية أو أكثر من عملياتها، من أجل إنتاج أكثر شمولا دون تغيير في شرائحها الجماهيرية المستهدفة. يتم هذا التوسع بطريقتين هما:

    • التكامل باتجاه الأمام: عندما تفتح الشركة منافذ بيع بالتجزئة خاصة بها. وبذلك تقترب من عملائها النهائيين، وتسهّل من عملية بيع منتجاتها.
    • التكامل باتجاه الخلف: على العكس من التكامل الأمامي، قد يتم التوسع بالتراجع إلى مصادر المواد الخام التي تستخدمها الشركة، كأن تقوم شركة أحذية بتصنيع المواد الخام مثل الجلود في أحد فروعها.

استراتيجية التوسع من خلال التعاون

يتم التوسع من خلال التعاون (Expansion through Cooperation) عندما تتفق الشركة مع شركة أخرى منافسة لها على التعاون، بهدف تحقيق أقصى استفادة ممكنة من إمكانيات السوق. يتخذ التعاون أشكالا مختلفة مثل:

الاندماج

يعني اندماج شركتين أو أكثر في كيان قانوني واحد بهدف تكوين شركة تساوي أكبر من مجموع أجزائها، ويتم تبادل بيع وشراء الأصول والأسهم بين الشركتين، وقد يتم حل كلتا الشركتين لبناء شركة جديدة.

على سبيل المثال، في عام 1998 اندمجت شركة السيارات الأمريكية كرايسلر مع شركة السيارات الألمانية دايملر، وظهر اسم دايملر كرايسلر. كان الاندماج مثمرا للشركتين، حيث أعطى الفرصة لكرايسلر للوصول والتوسع في السوق الأوروبي، في حين حظت ديملر بحضور أكبر من ذي قبل في السوق الأمريكي.

الاستيلاء 

عادة ما يتم الاستيلاء بين كيان كبير وأخر أصغر منه بفارق ملحوظ. قد تحدث عملية الاستيلاء إما بالتراضي بين الطرفين، مثلما استولت شركة والت ديزني على شركة بيكسار لإنتاج أفلام الرسوم المتحركة. أو بشكل يمكن القول أنه عدائي، عندما ترفض إدارة الشركة أو بعض المساهمين عملية الاستيلاء. فتلجأ الشركة المستحوِذة حينها إلى إقناع المساهمين مباشرة بالبيع على عكس رغبة إدارة الشركة المستحوَّذ عليها.

المشروع المشترك

تتفق الشركتان على تنفيذ بعض العمليات التجارية بشكل مشترك في مشروع واحد، للاستفادة من مواطن القوة في كلتا الشركتين. عادة ما تكون المشاريع المشتركة مشاريع مؤقتة تنتهي بمجرد تنفيذها.

التحالف الاستراتيجي 

يعد التحالف الاستراتيجي اتفاقًا أقل تعقيدًا والتزامًا من المشروع المشترك، تتفق فيه الشركتان على التعاون معا لتحقيق أهداف مشتركة أو مترابطة ستفيد كلتاهما. قد يحدث التحالف لكي تستفيد الشركة من الخبرة التقنية أو القوى العاملة التي تملكها الشركة الأخرى، لأجل التوسع في سوق جديد أو تحسين الإنتاج أو تطوير ميزة تنافسية.

قد يكون هذا التحالف قصير أو طويل الأجل، وقد يأخذ شكل اتفاق رسمي أو غير رسمي. ورغم ذلك تكون مسؤوليات كل عضو في التحالف محددة بوضوح، ويتم التوافق بين الطرفين حول الاحتياجات والمزايا التي ينتفع بها الحليف خلال المدة التي يظل فيها التحالف ساريا.

التوسع من خلال التدويل

التوسع من خلال التدويل (Expansion through Internationalization) هو استراتيجية التوسع التي تتبناها المؤسسة عندما تستهدف التوسع إلى خارج السوق المحلية. تكون هناك حاجة للتوسع من خلال التدويل عندما تستغل الشركة كل فرص التوسع المحلي وتبدأ البحث عن فرص للتوسع خارج الحدود الوطنية.

لا يبدو هذا النمط من استراتيجية التوسع مهمة سهلة، إذ يجب على المؤسسة الامتثال إلى معايير السعر والجودة والشحن والتسليم التي قد تختلف من بلد إلى آخر. وقد يتم التوسع من خلال التدويل باستخدام أي من الاستراتيجيات التالية:

الاستراتيجية الدولية: تستهدف الشركة تقديم المنتج أو الخدمة إلى أسواق الدول التي لا تتوفر فيها هذه المنتجات. مع إمكانية إجراء تعديلات طفيفة على المنتج ليناسب أذواق واحتياجات السوق الجديد.

الاستراتيجية متعددة التخصيص: تستهدف الشركة تقديم منتجات أو خدمات مخصصة تتناسب مع ظروف كل سوق على حدى. ما يتطلب تكاليف باهظة على البحوث والتطوير والإنتاج والتسويق، مع وجوب مراعاة الخصائص المحلية السائدة المختلفة من سوق دولي لآخر.

الاستراتيجية العالمية: تستهدف الشركة تقديم منتج أو خدمة موحدة إلى دول محددة حول العالم، وتعتمد على هيكل أعمال منخفض التكلفة.

الاستراتيجية العابرة للحدود: تدمج فيها الشركة بين الاستراتيجية متعددة التخصيص والاستراتيجية العالمية. حيث تعتمد على هيكل منخفض التكلفة مع التخصيص وفقا للظروف المحلية لكل الأسواق. ما يعني أن تقدم خدمات موحدة مع التأكد من أنها تتناسب مع الظروف المحلية السائدة في كل البلدان.

كيف تتخذ قرار تنفيذ استراتيجية التوسع ؟

قبل أن تتجاوز خط البداية في تنفيذ استراتيجية التوسع الخاصة بك، ينبغي أن تنتبه إلى بعض الخطوات الجوهرية، لكي تتخذ القرار المستقبلي الأفضل لشركتك:

تأكد من أن التوسع هو الرهان الأفضل

الدراسة الموضوعية لوضع عملك الحالي ستمنحك نظرة ثاقبة بشأن جدوى استراتيجية التوسع بالنسبة لعملك. لا تتخذ قرارك بناء على النجاح الحالي الذي حققته فقط، فقد لا ينجح العمل بالقدر نفسه إذا امتد إلى موقع جديد. 

ضع في اعتبارك السوق المستهدف الذي تنوي التوسع إليه وكيفية اتخاذ المستهلكين لقرارات الشراء في السوق الجديد بإجراء أبحاث السوق المعمقة. أيضًا، من المفيد أن تقيّم خيار التوسع اعتمادًا على دراسة جدوى يجريها متخصص محترف . بحيث يمنحك رؤية أعمق لإيجابيات وسلبيات التوسع، ويوفر عليك الوقوع في أخطاء تنجم عن اتخاذ قرارات غير جيدة. 

حدد تكلفة استراتيجية التوسع المتوقعة

تحديد مقدار التمويل المطلوب لتنفيذ التوسع هو خطوة هامة قبل البدء. على سبيل المثال، إن كنت تتوسع عبر فتح منفذ جديد للبيع بالتجزئة، ستحتاج إلى تقدير تكلفة إيجار المنفذ أو بناءه، وتوظيف العمالة الجديدة، وشراء مخزون جديد، مع تحديد المدة التي سيحتاج التوسع فيها إلى دعم مالي قبل أن تبدأ عجلة أرباحه في الدوران.

سيكون من السهل تحديد تكلفة التوسع لأنك مررت من قبل بتجربة إطلاق مشروعك الأساسي إذ بإمكانك الاستعانة بالوثاق المالية التي سبق إعدادها مثل: الميزانية العامة وإيرادات مشروعك الحالي، للتنبؤ بالتكاليف المطلوبة لتشغيل المنفذ الجديد خلال الأشهر القليلة الأولى من بدء التشغيل وصولا إلى نقطة التعادل. وهي أحد الأمور التي ستخبرك بها دراسة الجدوى.

لكي يكون القياس دقيقا ينبغي إضافة أي تكاليف خفية قد تكون مرتبطة بالتوسع لا يتضمنها نموذج عملك الحالي. سيكون تحديد مبلغ التمويل بوضوح أمرا مهما عندما تعرض على المقرض أو المستثمر مشروعك التوسعي لكي يعرف كيف سيتم الاستفادة من أمواله بشكل كفء.

احرص على تصنيف ائتماني جيد

بوصفك مالك نشاط تجاري فأنت تحرص باستمرار على الحفاظ على مركز ائتماني جيد يحوز ثقة المؤسسات المالية والمستثمرين، وتزداد حاجتك إلى ذلك إذا كنت بصدد طلب تمويل لتنفيذ التوسع. لذلك اتخذ كل التدابير الممكنة للتأكد من أن تقريرك الائتماني ممتازا، وسدد مدفوعاتك باستمرار وفي الوقت المحدد.

اختر مصدر التمويل الأكثر ملاءمة

بشكل رئيسي تتركز خيارات تمويل استراتيجية التوسع في 3 مصادر تمويل رئيسية لكل منها مزاياه وعيوبه هي:

    • التمويل من مستثمر: يقدم المستثمرون رؤى حول توسيع نطاق الأعمال، ويضيفون من خبراتهم التي قد لا تمتلكها بما يدعم نجاح التوسع. ومع ذلك فإن إشراك مستثمر في مشروع التوسع قد يعني التضحية ببعض أسهم الشركة ويفسح له المجال للتدخل في إدارة التوسع بالطريقة التي يراها مناسبة التي قد لا تناسب خططك.
    • التمويل بالاقتراض: يفضل أغلب أصحاب المشروعات الصغيرة الحصول على قروض صغيرة من بنك تقليدي أو من مقرض لتمويل التوسع.
    • التمويل الجماعي: سواء كانوا مجموعة من المعارف المتحمسين لخطتك التوسعية أو إحدى منصات التمويل الجماعي، سيساهم الممولون من هذا النوع في العمل كسفراء لعلامتك التجارية ويصنعون ضجة حميدة حول مشروعك الجديد ضمن شبكاتهم الاجتماعية وتسويقا مجانيا للتوسع الجديد.

ختاما ، ينظر البعض إلى  التوسع على أنه خطوة فوضوية ومجهدة، إلا أنه يكون  في بعض الأحيان خطوة حان وقتها. أيا كان خيار استراتيجية التوسع الذي تنوي تبنيه، تعامل مع التوسع الجديد بموضوعية وباعتباره مشروعا كاملا يستدعى كل الاهتمام والمتابعة، ضع إطارا شاملا للتوسع لكي يتم بنجاح ويمثل إضافة ناجحة لمجمل أعمالك.



لو محتاج مساعدة .. تقدر تكلمنى تليفونيا او واتساب  01275707568 

بطرس

بطرس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.